خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

قيادات الجيش

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عبدالهادي راجي المجالي .. ماذا يميز الجيش، ولماذا ينفعل الأردني اتجاه هذه المؤسسة؟

ربما هي المؤسسة الوحيدة في الأردن التي تنتج قيادتها، من بين رمل الصحراء ومن شقاء العمر، ومن نبل الخدمة والأخلاق.. الجيش قياداته لم تأت من مجتمع نخبة مزيف، أو من مجتمع رأس المال... لم تأت هذه القيادات أيضا من علاقات (الكوميشن)... هي القيادات الوحيدة، التي لوحتها الشمس.. والتي كانت التعبير الأصدق عن المجتمعات الفلاحية والبدوية... والتي نحتت في الصخر طريقها، بعد أن تعلمت أصول الصبر والوطنية.

ويسألني صاحبي لماذا تنفعل حين يذكر اسم الجيش؟... على الأقل إذا استعرضت سيرة قائد الجيش الحالي، ستكتشف أنه كان من الطيارين الأكفياء في سلاح الجو الملكي، وهي المهنة الوحيدة في العالم التي لا يوجد فيها (واسطة) ولا يوجد فيها لون عيون أو اسم عشيرة، يوجد فيها الكفاءة والاقتدار فقط...

اسم أبيك، أو اسم عشيرتك... أو مهنة جدك لا ترحمك أبدا إن أخطأت في حسابات الإقلاع أو الهبوط، ما ينجيك في هذه المهنة، بعد الله، هو جبروتك وصبرك وتفانيك... كان فتى في أول العشرين من العمر حين صعد طائرة (إف 5).. وبعد الإقلاع هو الله وحده من يعيده سالماً.. وربما إن اهتزت الطائرة قليلا لثقل الحمولة، يتذكر الطيار وقتها الشهداء الذين سقطوا... وهم يعاندون الغيمات، وتركوا الأسماء فقط على قاعات الجيش وميادينه..

الجيش هو المؤسسة الوحيدة التي انتجت قياداتها، من شمس الحصاد اللاهبة.. ولم تنتجهم من مراكز التمويل والدراسات، هو الذي أنتج قياداته من شقاء وكفاح الأسرة الأردنية، التي قسمت رغيف الطابون بين الأولاد... وجعلتهم يؤمنون بأن الكتاب والتعليم هو حصانة العقل والضمير... ولم ينتجهم من تعدد الأصناف على طاولة الطعام الفاخرة.. الجيش هو الذي أنتج قياداته من تعب الأب وكده.. ولم ينتجهم من رغد العيش وبرك السباحة الفاخرة، والسفر في الصيف من أجل التنزه في قبرص...

ليفرد كل من مر على قلاع المسؤولية في هذا الوطن تاريخه، وليفرد قادة الجيش تاريخهم... على الأقل في تاريخ قائد الجيش الحالي، ربما ستجد: أن محرك الطائرة تعطل على ارتفاعات هائلة.. وكان الاحتراف والجندية الرصينة طريقا للنجاة... ستجد في تاريخه قلبا يضج بالتعب ولا يعرف الخوف... حين صعد الشباب في طائراتهم السحب، وقرروا أن ينتقموا لرفيق السلاح معاذ الكساسبة... وعادوا كلهم على أكف السلامة، بعد أن اشعلوا أوكار الإرهاب..

الجيش هو مؤسسة تمتلك قيادات تشبهنا.. وتعرف رائحة الزعتر ورائحة الفقر، ورائحة الكبرياء.. وتعرف معنى تقبيل يد الأب، ومعنى دعاء الأم في صلاة الفجر... وتعرف معنى الشمس التي تطلع في صباحات الحصادين ورائحة الشاي المعتق... وكم من الرضا يسكن وجوه الأولاد حين يأتي العيد...

نحبهم لأنهم يشبهوننا، ولأن وجوههم لم تزور، ولأنهم الأكف الضارعة لله... والضمائر التي لم تؤجر... والأرواح الصابرة الصامدة...

كم أتمنى أن يصدر الجيش قانوناً، يحصن تاريخه ويمنع على أحد الكتابة في هذا التاريخ دون مرجعية التوجيه المعنوي... لقد حصّنوا بيوتنا وقلوبنا وحصّنوا وطناً كاملاً وحموه من الضياع... وأجزم أن تاريخهم يحتاج بعد الآن للحصانة... فهم التاريخ وهم أسياده.. والصفحات المنيرة في وطننا.

[email protected]
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF